نعود من جديد لنذكر أنفسنا وإياكم بأهمية التروي والحذر عند التعامل مع المراهقين وعدم المجازفة باتباع سلوكيات في التواصل والحديث قد لا تتناسب مع طبيعتهم. ليس من السليم أن نتجاهل شعور المراهقين أثناء التحدث إليهم دون الأخذ في الاعتبار أنهم في مرحلة تتسم بالدقة والحساسية، كونها مرحلة تكوين الشخصية التي تتأثر بما يمر به المراهق من أحداث لتتشكل شخصيته على حسب المؤثرات الخارجية.
لا يمكننا أن نغفل عن خطورة التعامل العنيف وأثره السلبي الذي قد يؤدي إلى ضعف الشخصية وعدم القدرة على مواجهة الآخرين، كما لا يمكننا أن نغفل عن أن فرط التدليل وتوفير جميع عوامل الترفيه للمراهق قد يتسببان في إفساده عند الكبر واتباعه سلوكيات سلبية عند التعامل مع أقرانه ومع الكبار.
تتحدد سلوكيات الشخص منا في التعامل مع الآخرين ما بين التواضع والغرور، ما بين التأدب وعدم مراعاة شعور المخاطَب، ما بين اللباقة والفظاظة أثناء فترة المراهقة، وعادة ما يكتسب المراهق هذه السلوكيات إما من طريقة تعامل الكبار معه أو من ملاحظاته لتعاملهم مع الآخرين بها.
هناك شعرة دقيقة تفصل بين العفوية وقلة الذوق، بين التواضع وامتهان الذات في الحديث، ودائما ما يكون للأسرة والمحيطين التأثير الأكبر في إكساب المراهق هذه السلوكيات التواصلية التي قد تسهم في تكوين الانطباعات عنه لدى الآخرين وتؤثر في طريقة تعاملهم معه، وعادة ما تتشكل الصور الإيجابية أو السلبية عن الفرد على ذلك النحو .
نحرص أحيانا عند التعامل مع من هم أصغر سنا إما على دعم سبل التواصل وفتح مجالات للحديث أو على فرض قيود على الحديث. ورغم أنه من الصعب التخلص من المهارات الخاطئة في الحديث، فإن الأمر ليس مستحيلا طالما هناك حرص ومحاولات مستمرة. وتعد الوسيلة المثلى لتحسين أساليب التعامل مع الآخرين هي الحد من أخطاء التواصل ومحاولة تفاديها قدر المستطاع، ومن هنا نحاول الإشارة إلى عدة أساليب من شأنها تقويم مشكلات التواصل وقد تساعد البعض على تحسين معاملاتهم مع الآخرين .
1. استمع للآخرين وتمهل عند المشاركة في الحديث
هناك حكمة شهيرة تقول: "لنا أذنان اثنتان وفم واحد"، ومغزى هذه الحكمة هو أنه على المتحدث أن يركز على السماع للآخرين عند مشاركتهم في الحديث وأن يتروى عند الرد، وطالما أن للإنسان حاسة واحدة تدعم الكلام واثنتين تدعمان السماع فعليه أن يدع للكلام نصف ما يدعه من وقت للاستماع. عادة ما يرغب المراهقون في التواصل مع الكبار والبوح لهم ببعض المشاعر أو الأسرار، لكن يصيبهم الإحباط لقلة الفرص، والمدهش في الأمر أن الأمر بعينه يحدث للكبار ممن يحاولون تجاذب أطراف الحديث مع المراهقين دون أن يجدوا المعبر المناسب للوصول إلى أعماقهم. والحل الأمثل لتلك المشكلة يتلخص في حسن الاستماع ومنح كل طرف الطرف الآخر فرصة كافية للتعبير عن نفسه دون تقييد أو إحباط .
2. ابتعد عن التعبيرات السلبية
إذا كنت ترغب في أن يتحلى ابنك المراهق بهدوء الطباع وأن يتجنب الأساليب السلبية في الحوار، ابدأ بنفسك وابتعد أنت أولا عن اتباع تلك الأساليب. تجنب العبارات القاسية ولغة التهديد أثناء التعامل مع المراهقين من أفراد أسرتك، فاستخدام هذا النوع من الحديث عادة ما يسفر عن المزيد من التمرد. علاوة على ذلك، تصبح هذه اللغة هي وسيلة التعبير والتواصل للابن بشكل تدريجي .
3. لا تضخم المشكلات
تختلف نظرة الكبار عن نظرة المراهقين للمشكلات، فبينما يعمل الكبار على التصدي للمشكلات ومعالجتها بشتى الوسائل، يتعامل المراهقون مع المشكلات ذاتها بنوع من الاستخفاف الذي قد يضيع فرص إيجاد حلول مناسبة لها. لا شك في أن حل المشكلات يحتاج إلى جدية وأن تمرس الكبار ومرورهم بمختلف التجارب المماثلة قد يغريهم بالاستغناء عن مجهودات المراهقين في التصدي لها، وهنا تكمن المشكلة. على كل من يخطئ تحمل مسؤولية خطئه، لكن هذا لا يبرر توجيه الإهانة للمراهق لوقوعه في الخطأ وعدم تمكنه من معالجة المشكلة على النحو المطلوب .